Thursday, August 23, 2012

مدينة العرب...





تهويد القدس هو مصطلح يستخدم لتعريف الأفعال التي تقوم بها إسرائيل كدولة, و الإسرائيليين كمواطنين لتغير ملامح القدس العربية.

القدس هي مدينة بناها اليبوسيين, و هم قبيلة كنعانية سكنت فلسطين قديماً, قبل هروب موسى عليه السلام من جيش فرعون. بُنيت المدينة بإسم بناتها, فسموها يابوس. في الألفية الرابعة قبل الميلاد, إقتحمت جيوش النبي داوود, بأمر من الله ليدخل القدس, و بالفعل, إنتصروا بني إسرائيل على اليابوسيين, و بدائوا بتغير ملامح المدينة الكنعانية, بتغير إسمها, من يابوس, إلى أورشاليم, أو مدينة السلام, و ظلت القدس مدينة يهودية, حتى ظهور المسيحية. إضطهاد اليهود من قبل الإمبراطورية الرومانية, و فقدت القدس معالمها اليهودية, لتكون أحد المدن المقدسة في المسيحية, خصوصاً لنشئة المسيحية فيها, و ظهور المسيح في فلسطين عموماً و القدس خاصتاً, و أخذت المدينة, بسكانها المستنصرين طابعاً جديداً, و تبنوا لغتاً جديدة, و هي الآرامية, و لم تبنى بنوا القدس طابعاً جديداً, ثم جاء الإسلام, ليفتح مدن الشرق القديمة, و ليبني هوية جديدة موحدة له, ممزوجة ببعض, فإمتزجت اللهجات, و الثقافات, و الفن, و الموسيقى, ليصبح للشرق هوية و ثقافة واحدة, و هي الثقافة العربية, فأغنوها, و طوروها, لتكون فريدة من نوعها, و لتكون ثقافة قوية قادرة علي الصمود في وجه أي ثقافة أخرى, بل من شدة قوتها, اعتنقت الثقافات المحيطة لها الكثير منها, في تركيا, و بلاد فارس, و دول جنوب الصحراء, و حتى دول المتوسط, فالثقافة العربية سهلة التميز في إسبانيا, و إيطاليا, و قبرص, و اليونان, و مالطة الحديثة. و ظلت هذة الثقافة تنموا و تتطور, لتستوعب كل الثقافات القديمة في الشرق, في مصر القبطية, و العراق الأشورية, و الشام الآرامية انذاك, ليصبحوا مستعربين, و عرب.
تظل القدس مدينة السلام, لكن في الكتب, و الروايات. ففعلياً واجهت مدينة القدس غزاةً عدة, من الصالبيين, و التتار, و العثمانيين, و البريطانيين, و أخيراً, مع تائسيس دولة إسرائيل عام 1948, و مع إحتلال القدس عام 1967, تواجه الأن المدينة خطراً جديد, خطر التهويد... فأردت ان أبداء بحثي عن هذا الخطر, و ما سر عدم إكتراث المجتمع الدولى لهذة القضية الهامة, التي قد تحدد مستقبل المدينة في أي تسوية مستقبلية بين العرب و الإسرائيليين.


تصفحت في عدة صحف و قرأت عدة مقالات من الإنترنت, و ذهلت من حجم التهويد الذي يتم في القدس.
بدأت في قرائة أول القوانين التي تم سنها لضم القدس الشرقية الى الدولة اليهودية الحديثة.
عام 1967, تم التصويت على قانون في الكنسيت (البرلمان الإسرائيلي) و سمي بقانون القدس, و كانت مبادئه كالتالي:
1.    أورشليم القدس الكاملة الموحدة هي عاصمة إسرائيل.
2.    القدس هي مقر الرئاسة، الكنيست، الحكومة والمحكمة العليا.
3.    تحمى الأماكن المقدسة في القدس من أية محاولة لانتهاكها أو منع الوصول الحر إليها.
4.    تتمتع القدس بأولوية في مشاريع الحكومة التطويرية.
5.    تمنح الحكومة لبلدية أورشليم القدس ميزانية سنوية خاصة لتطوير المدينة.
و من هنا, بدأت حكاية تهويد القدس. فعملية التهويد في المدينة شملت الأسماء العربية, و المعالم الحضارية, و حتى الأراضي و البيوت. ففي عام 1967, تم إنتشال حارة المغاربة بأكملة, لتنضم لحارة اليهود, و تم نقل السكان الفلسطينيين الى خارج المدينة, ليتم إستبدالهم بمهاجرين يهود, و مع مرور الوقت, أعتقد العالم ان الحي اليهودي, هو حي قديم من أحياء القدس. في عام 1970, تم توسيع الحي ليشمل اجزاء من حارة الأرمن. بالرغم من أن تم العديد من الإنتهاكات من قبل الجيوش العربية يوم دخولها القدس عام 1948. إلا أن في عام 1970, بدأت إسرائيل في التوسع في حارة الأرمان, و إعادة تسمية أهم شوارع القدس القديمة.


و من هنا, بدأت إسرائيل في التحرك السريع, و القوي لتهويد القدس, و طمس هويتها العربية, إسلامية كانت او مسيحية. التهويد بدأء بمصادرة الأراضي, و الإستيطان, من خلال ضم مناطق أخرى خارج القدس القديمة لتكون ضمن حدود المدين’ مما أضاف للمدينة حوالي 20,000 ساكن يهودي, و اليوم باتت المدينة العربية محاصرة بكتل إستيطانية لتقلب الميزان الديمغرافي للمدينة.

الخطوة الثانية التي سعت الدولة الصهيونية في تفعيلها, هو تهجير الفلسطينيين, و سحب الهويات منهم, لتكوين  واقع جديد يكون فيه اليهود النسبة الغالبة في المدينة. و تمت هذة الخطوة على الملاء, فتصريحات رئساء وزراء إسرائيل كانت واضحة, فقالوا:
أرئيل شارون: 
أن القدس ملك لإسرائيل وأنها لن تكون بعد اليوم ملكا للأجانب.
 شيمون بيرز:هناك ضرورة للتهجير الجماعي للفلسطينيين من مدينة القدس والذين يقدر عددهم بنحو 
240 ألف مواطن.

و بدأت المخططات الإستيطانية لهدم 68 مسكن, و تشريد 200 أسرة مقدسية. لكن لم تقف عملية التهويد هنا فقط, بل شملت أيضاً تهويد الآثار, و المنشئات, و المقدسات العربية, الإسلامية, و المسيحية.
اليوم, تعتمد أربع مسارات متوازية لتهويد القدس, من خلال الثقافة, الجغرافيا, الديموفرافيا, و الهوية الدينية. فتم إعادة تسمية القدس في كل اللائحات, و اليفط لتصبح أورشاليم, بدلاً من القدس, حتى اليفط المكتوبة بالعربية, الخطوة الثانية هي من خلال تطويق المدينة العتيقة, ذات أغلبية عربية مسيحية و مسلمة, بمستوطنات, لتعزلها عن باقي الضفى الغربية, الفلسطينية. كما تضخ مؤسسات تعليمية المال في المدارس الواقعة في القدس, لتعليم تاريخ القدس اليهودي فقط, في المدارس العربية القديمة. كما هناك الخطر الدائم من الإقتحامات لساحات المسجد الأقصى, و هو من أقدس الأماكن لدى المسلمين. فيقطحمة اليهود المتطرفين تارة, و الجنود الإسرائيليين تارة أخرى, بالإضافة الى تدشين و إعادة بناء الكثير من الكنس حول ساحة المسجد الأقصى, بقباب عالية, تكاد ان تضاهي قبة الصخرة الشهيرة, بقبتها الذهبية, و التي أصبحت رمزًللقدس.
ديموغرافياً تعد القدس اليوم مدينة منقسمة الى 35% فلسطينيين مسلمون, و مسيحيون, و 65% من اليهود, و من المتوقع ان تصل الزيادة السكانية الفلسطينية الى 40% بنهاية هذا العقد, ,لذا تسعى اليوم حكومة نتنياهو من إنشاء العديد من المستوطنات الجديدة حتى تقلب الديمغرافيا في القدس, ففي عام 2007, تم إعتماد ميزانية في إسرائيل ب200 مليون دولار, لجذب سكان يهود للسكن في القدس.
جخرافياً, تمكنت إسرائيل من العزل التام بين القدس العايقة, و البقية من الضفة الغربية, من خلال الجدار العازل, حيث أصبح يمثل واقعاً لحدود تفرضها إسرائيل, لتدخل من و تمنع من تشاء لأرض معترف بها دولياً بأنها أراضي فلسطينية محتله.

وإعلاميًا تدير إسرائيل معركة "التهويد" بطريقة لا تقل أهمية وتأثيرًا عما تقوم به على الأرض، حيث تروج للقدس عالميًا كمدينة يهودية، وذلك من خلال تنظيم الجولات السياحية في المدينة وفق مسارات يتجاهل المقدسات الإسلامية بالمدينة، إضافة إلى إقامة جعلها منطلقًا ومقرًا لإقامة المهرجانات والاحتفالات بالمناسبات اليهودية الدينية والقومية.
كما تروج حكومة نتنياهو إعلاميًا لأحقية اليهود في إقامة صلواتهم بالمسجد الأقصى، و إن محاولات الجماعات الدينية المستمرة لدخول الأقصى إنما ينبع من حرصهم على إقامة شعائرهم دونما رغبة منهم في استفزاز الفلسطينيين الذين لا يحترمون كون المدينة متعددة الثقافات والأديان، وذلك كخطوة خبيثة تهدف إلى تدشين أمر واقع جديد يتمثل فيما يتم الترويج له حاليًا من تقسيم الأقصى مناصفة بين المسلمين واليهود على غرار ما آل إليه حال الحرم الإبراهيمي بالخليل، أو تدويله باعتباره تراثًا إنسانيًا مشتركًا لا يخص العرب أو المسلمين وحدهم.
في رائي الخاص, فأنا أرى ان نتنياهو يرفض وقف الإستيطان مقابل بدء مباحثات السلام مع القلسطينيين, هو دليل قاطع على انه يحاول شراء الوقت, ليعزز المكانة اليهودية في القدس, و ليسرع من عملية التهويد, و هذا و يتضح هذا من خلال نسبة الزيادة في بناء المستوطنات شرقي القدس, كما هو في إعتقادى ان عملية تهويد القدس, هو السبب الرئيسي لرفض العضوية الفلسطينية, فهذة العضوية, ستتمكن فلسطين من منع إسرائيل من تنفيذ مخططاتها من تهويد لمدينة معترف بها من قبل الأمم المتحدة انها عاصمةً لدولة فلسطين العربية. يجب على العرب ان يحاربوا هذا التهويد, و ليس بالديبلوماسية, إنما بالمال, من خلال شراء أسهم, و السيطرة على نفوذ الشركات و المؤسسات التي تعمل على تهويد القدس, و حثها على فعل العكس, و هو تعريب القدس..

مراجع:

Follow me on Twitter @ahmedhafeztweet



No comments:

Post a Comment